الرأي

هكذا تكلَّم صالح هبرة

فيصل الصوفي

عندما يندمج فرد في جماعة، يبدأ في فقد شخصيته.. يضحي بعقله لصالحها.. يقدم معها على أفعال بذريعة نفع الجمهور، ويخاطب عواطف هذا الجمهور بكلام لا يؤمن به، أو يدرك أنه غير دقيق، وفي اقتناعه أن أفعالاً وأقوالاً كهذه لا يقبل أن تصدر منه عندما يكون منفرداً أو مستقلاً.. ذلك لأن الوعي فردي، بينما اللا وعي جماعي، حسب تعبير غوستاف لوبون.
نزعم أن الشيخ صالح هبرة -القيادي المعروف في جماعة الحوثي والرئيس السابق لمجلسها السياسي- مثال محلي مناسب للحالة السابقة، فهو اليوم -وقد غدا منفرداً- يسترد عقله وإنسانيته ووعيه، أو هكذا يبدو لنا الأمر وقد غلبنا حسن الظن
على الرغم من أن هبرة شيخ قبيلي، إلا أنه مثقف وحزبي ماهر، ومفاوض يدرك أن المكر ربيب السياسة.. في أول شهر فبراير 2008 مثل الجماعة في التوقيع على اتفاق الدوحة، إلى جانب ممثل الحكومة -الدكتور عبد الكريم الإرياني- والشيخ حمد بن خليفة وزير خارجية قطر التي توسطت لحل النزاع بين الحكومة والجماعة، وقد اعتبر ذلك الاتفاق وثيقة سرية لا يجوز إفشاؤها، إلا أن الناس طالعوا بنودها الأربعة عشر عشية اليوم الثاني! وفي الأخير تخلت الأطراف الثلاثة عنها.. وأثناء النزاع المسلح بين الجماعة وحكام حاشد في العام 2013، قال هبرة إن صعدة قد تغدو دويلة، ومن ثم قد تصبح كل محافظة دويلة مستقلة، طالما تم السماح لبني الأحمر تحويل عمران إلى دويلة خاصة بهم.. ولم ينبت هبرة ببنت شفة تعليقا على التهديد بالتصفية الجسدية الذي وصله عبر حسن زيد في ذلك الوقت.. ولا يبدو أنه في كل هذه كان يستند إلى مكانته في الجماعة، أو موقعه القيادي فيها، إذ إنه قد عُزل من منصبه العالي، وتحول إلى ناقد لسياساتها وسلوك قياداتها، ولا بد أنه يستند اليوم إلى حماية قوة قبلية أو ما شابه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى