الرأي

هناك ضوء !

سام الغباري

مثلما ألهم «محمد بن سلمان» شعبًا ووطنًا ضخمًا بحجم المملكة العربية السعودية ببناء قدراته بأيدي الشباب الذين عانقت هممهم القمة، وأظهرت للعالم أن إيمانهم وولاءهم بوطنهم وقيادتهم يضاهي صلابة «جبل طويق» الشهير.
كان الأمر بحاجة إلى قلب شجاع، في كل شيء مصيري يحتاج المرء إلى هذا القلب، ليصنع التاريخ، وهذا ما يفعله العمر الفتيّ تلقائيًا بأظافر من عدم، وبقدرات حاسمة لبشر كان ميلهم إلى المغامرة وروح التحدي أكبر من جنوحهم إلى اللا مبالاة والدعة، لتظهر النتيجة خيرًا كثيرًا لبلدانهم وقليل من الشر.
في اليمن، يكسو العجز قلوب الصف الأول، المصابين بمختلف أنواع المرض، المزمن والطارئ، لا يسمعون جيدًا، ولم يعد يحفزهم القلق من التاريخ بعد حياة طويلة عريضة كانوا فيها كل شيء، ملء السمع والبصر والشاشات والكراسي.
قلت لعجوز منهم: لِمَ لا ترحلون وتتركون الحبل في يد قيادة شابة؟ فرآني من وراء جفنين متغضنين، وأخفى ابتسامة بدأت تراود شفتيه، مكتفيًا بامتعاضة بديلة، ثم نهض من مقعده وتركني ألوي على جرأتي، محاسبًا نفسي، تقريعًا وتوبيخًا، حتى جاءتني رسالته آخر الليل تفرج حيرتي وتؤيد ما جلبته عليه من تساؤل أرغمه أخيرًا على الانحياز لي.
ورغم مشقة الانتصار الذي منحته لذاتي حينذاك، إلا أنه استرعى اهتمامي بقياس مدة الرد زمنيًا، وتأخر التفكير على سؤال بديهي جريء لسياسي من الصف الأول، وقلت لنفسي: هذا هو النضج الذي يقولون عنه، وقد عرّفه آخرون بـ»عدم الاكتراث»
في الحرب أنت بحاجة لروح مضى عليها العمر والدهر لتضيف إلى حماسك الشاب ديمومة إستراتيجية تقيك مصارع السوء وسوء المنقلب وغدر الأصدقاء ومكر الطامحين للقيادة وسلب الإنجاز من بين أصابعك، ولكنك أيضًا تحتاج إلى اليد القوية، إلى عدم التهاون، وأحيانًا إلى عدم الرد، وترك الأمور الغامضة تنفرج بذاتها وتحل عقدها أمامك دون جهد كبير، كما أنت دومًا بحاجة إلى تقديس الواجب المفروض عليك لحماية مستقبل الأمة وهويتها
في اليمن التي تغمض أجفانها كل مساء على جثث أبنائها الذين يتقاتلون، أنت بحاجة إلى الإجابة عن السؤال المنتظر: متى تنتهي الحرب؟ وكلما تذكرت أن «عبدالملك الحوثي» ما يزال يرفع سبابته متوعدًا بـ»حرب حتى يوم القيامة»، تأخذك زفرة حارة على خراب موعود لم يكتف ابن بدر الدين بما مضى منه، وإصراره على القتل اليومي، يجعلك باذخًا في التضحية ضد الحوثيين حتى النهاية.
سنقاتل لأننا نرى الضوء في آخر النفق، وكي لا يقال إن اليمن خلت من الرجال.
وإلى لقاء يتجدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى