الرأي

تصدير الألغام والتشيع إلى اليمن والقرن الإفريقي (2-2)

عبدالستار سيف الشميري

– المرشد حجر الزاوية:
يلعب المرشد دوراً محورياً في النظرية الخمينية، ولذلك يتم استنساخ مرشد في كل دولة على حدة، حيث يلعب مرشد النظام الإيراني دور البابا وممارسة الوصاية على الجميع وعلى كل النسخ التي تم تصديرها، باعتباره ظل الله في الأرض ويد الخميني الممتدة وبصيرة المهدي المنتظر.
ولأجل ذلك كله وحيث المرشد له الكلمة الأولى والأخيرة للاعتبارات الثلاثة السابقة، تم استنساخ مرشد لكل دولة نموذج حسن نصرالله وعبدالملك الحوثي وغيرهما ودورهما نيابة المرشد الأعلى للثورة الخمينية في بلديهما، والقيام بنفس الدور وهو الحكم من وراء حجاب باسم الدين والولي الفقيه، وصناعة رئسين لكل بلد رئيس سلطة تنفيذية ومرشد عام يتبع المرشد الاعلى ويتبنى نفس الخطاب الذي يتبناه وهو خطاب في مجمله دوغمائي يستخدم أدوات دعائية من أجل تحقيق أهداف محددة، هي في المحصلة النهائية اهداف تحقق مصالح إيرانية جيوسياسية، وهي بصورة مبسطة في الحد الادنى منها الحلم في تغيير معادلات النفوذ والسلطة في المنطقة العربية والإفريقية. ولا سيما اليمن والقرن الإفريقي، والخليج العربي وذلك عبر المال والسلاح والمذهب، كي تستعيد إيران مجد فارس المفقود.
لقد نجح نظام الخميني في صناعة وإنتاج تشيع جديد واذرع له في دول عربية عديدة وكذلك دول إفريقية لكنه لم ينجح في تحقيق هذا الحلم حتى الان على الاقل، وقد لا يستقر هذا التفريخ وهذا النجاح إلى الأبد.
ومع اي ثورة شعبية محتملة يمكن ان تقتلع كل هذه الحصون الإيرانية التي قد تبدو منيعة ومتحصنة بالسلاح والايديولوجيا، اذا ما توفرت ارادة سياسية وتضافرت مع الجهود الشعبية.
-السياسة الخارجية الإيرانية (مزج المذهبي بالسياسي):
ان البعد الديني المذهبي في السياسة الخارجية الإيرانية حاضر ومقرر ويشكل الدائرة السياسية الأوسع في لعبة السياسة الخارجية لإيران واستغلال الاوراق ذات الطابع الطائفي أو المذهبي لتحقيق انجاز للنظام الإيراني في معاركه العبثية ودوائر صراعه المتعددة.
هذه السياسة الخارجية تهدف إلى تحقيق نتائج سريعة وتوسع ملموس عبر تصدير المشروع خارج بنيته الأولى واستنساخه وتسليحه ان أمكن واستثماره بطرق مختلفة.
في إفريقيا مثلا تم الاستعانة بالمنظمات الدعوية والخيرية من قبل صانعي السياسة الخارجية الإيرانية في مهام مختلفة مثل منظمة الخميني الخيرية، والرابطة العالمية لأهل البيت، ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية، والمؤسسة الإسلامية، ومؤسسة المجمع العالمي لأهل البيت، والجمعية الإسلامية الاجتماعية، ومنظمة التبليغ الإسلامية وغيرها.
وكانت هذه المنظمات تنشر النسخة الخمينية للتشيع وكانت الخارجية تستثمر هذا المنتج الجديد بطريقتها. ومنذ سنوات اشارت مصادر إلى ان عشرين مليونا تم جذبهم إلى التشيع في إفريقيا بطرق مختلفة، وهذا الامر يعتبر اختراقا بالغ الخطورة في القارة السمراء.
وليس ذلك غريبا فقد رأينا ذات الامر في اليمن حيث تم خلال خمس سنوات من الحرب توسيع العدد الموالي لإيران رأسيا وافقيا، واصبحت هذه النسخة الخمينية من التشيع اليمني والتي تحمل مسمى الحوثية عددا كبيرا لا يستهان به يقدره البعض بالمليون، والبعض بأقل من ذلك لكن واقع الامر انه اصبح واقعا ولغما مغمورا في ارض جديدة.
ولا شك ان هذه النسخة الحوثية هي القاعدة الاهم لإيران في المنطقة والتي تطمح إيران ان تتصل بباقي دول القرن الإفريقي والبحر الاحمر.
إن الحسابات المتداخلة لدمج المذهبي في السياسي في مفردات سياسة إيران الخارجية شوهت السياسة والمذهب معا، وحولت إيران لخطر على الامن العربي وشعوب المنطقة والعالم وفصلت بعض الشيعة عن اوطانهم نفسيا وزرعت حقولا من الالغام في كل دولة بها اقلية شيعية، ولم يكن هذا الامر واردا قبل ظهور الدولة الخمينية حيث كان التسامح والتعايش والشعور بالوطن هو السائد المعهود، حتى تم استثمار بعض مظالمهم على طاولة النظام الإيراني كورقة ضغط على الدول العربية في لعبة المساومات الدولية والإقليمية التي تلعبها إيران.
إنها حسابات ممتدة ومعقدة تعمل على إبقاء جذوة التوترات في العالم العربي وعمقه ومحيطه الجغرافي القريب مشتعلين.
لقد حقق النظام الإيراني أهدافاً له في عشر دول عربية وإفريقية على اقل تقدير منها اليمن، وله محاولات في باكستان وافغانستان واذربيجان وغيرها، واخفق في تحقيق هدف مباشر له في الكويت والسعودية والبحرين لكنه سيظل يحاول بطرق مختلفة، ولن يتوقف حتى يرى المزيد من حالات الفوضى المتتابعة وسيبذل ما يمكنه من مال وسلاح وافكار، كي يسهل تغيير الانظمة بفروع إيرانية خالصة نموذج حزب الله والحوثي أو انها توالي النظام الإيراني على اقل تقدير كما في النموذج العراقي والسوري.
أخيرا:
ما العمل لمواجهة هذا الزحف المذهبي والعسكري الصفوي الملتبس بالمذهب والايديولوجيا؟
إن المنطق السياسي يقتضي المواجهة عن طريق تعزيز العلاقات العربية أولا، وخلق توازنات جديدة في مواجهة التمدد الإيراني في ظل استهداف إيران المصالح العربية الاستراتيجية، وتنشيط وتوسيع التحالف العسكري العربي واخذ مصر مكانتها الرئيسة فيه قبل ان تصبح دولة الخميني واقعا ممتدا متجذرا يصعب تفكيكه في الدول العربية وإفريقيا، وقبل ان يتم تغيير الهوية والجغرافيا معا لصالح دولة الولي الفقيه، وحينها سيكون الوقت متأخرا جدا في أي مواجهة أو تصدٍ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى