الرأي

يُقتل دكتور جامعي.. وتولد صرخة!

عاصم الشميري

أسوأ ما يمارسه الحوثيون بحق التعليم هو التشويه الحاصل في المناهج وتغيير الطريقة التعليمية بحشو المناهج بأفكارهم والمدارس بثقافاتهم والمعلمين الذين يوالونهم.. أسوأ من كل ذلك هو اعتقال المعلمين والمربين ودكاترة الجامعات والاكاديميين، وزرع عقول فارغة مكانهم يؤمنون بالسيد وينصتون لمحاضراته، انهم يعتقلون معلمين قضوا سنوات طويلة من حياتهم في ممارسة المهنة حتى بعد انقطاع مرتباتهم وانعدام رغبتهم بالذهاب، لكن لأجل الطلاب كانوا يفعلون ذلك ويصرون على فعل ذلك.
توفي الدكتور عدنان الشرجبي، بل وباعتقادي انه قتل بعد أن اعتقله الحوثيون لمدة شهر دون رعاية وبإهمال كبير واخفوه في سجونهم لأنه لم يرضخ لهم ولا يعرف فعاليات دراسة ابعاد الصرخة ولا يتحدث عن اهمية مجلدات بدر الدين الحوثي، عاملوه بسوء حتى خرج بحالة صحية سيئة ليتوفى بعد خروجه بثلاثة اسابيع، وهو دكتور يُعرف باحترامه وثقافته وانفتاحه وخوفه على طلابه وامانته على الرسالة التي يؤديها، هذه المواصفات ليست كافية أن يستمر دكتور أو معلم بعمله الآن في حكم الحوثيين أو حتى يستمر بحياته، سيعيش دون معاش ودون أمان في اليمن دون احترام حتى لو تخرجت اجيال من تحت يديه.
الاسبوع الماضي كانت اربعينية الدكتور عدنان الشرجبي، دكتور علم النفس الاكاديمي المعروف بجامعة صنعاء بين طلابه وزملائه بنقائه وغزارة علمه وحبه لمهنته، وقبل كتابة هذا الموضوع سألت عنه طلابه ومقربين منه ولم يتراجع احد أو يتأخر بالرد الذي يوضح لنا حجم الفقد لديهم وكم كان الدكتور متفانيا بعمله ومخلصا لطلابه الذين اكدوا انهم كانوا يكنون له مشاعر الأب الروحي.
والذي فاجأني بل وصعقني، انه بعد خروجه من المعتقل ذهب إلى الدوام ليستكمل تعليمه لطلابه وهو بحالة صحية سيئة.. لكم ان تتخيلوا ان لا شيء سيجعله يستكمل عطاءه العلمي وهو بدون راتب وبدون اي محفزات مادية أو معنوية وبعد اعتقال استمر لشهر عاد وبسرعة ليستكمل دوامه.. لم أر شعورا بالمسؤولية كهذا!
اعتقل الحوثيون الدكتور عدنان في 9 سبتمبر وعندما خرج من المعتقل في 6 اكتوبر كان مكسورا وحزينا، كان مهموما وكأنه حمل جبالا فوق ظهره والكثير من الغلب الكثير.. فلم يستكمل حتى شهر الا وتوفي بصمت غادر بهدوء..
وعن سبب اعتقاله قيل لعائلته انها اسباب امنية وغيرها سبب تافه بحسب مقربين منه ان الدكتور عدنان، رحمة الله عليه، كان يتحدث بالسياسة وأمور جنسية!!!
والحقيقة انه لم يسبق للدكتور ذكر أو تحدث في امور جنسية طوال مسيرته المهنية الا في عهد الحوثيين الذين حاولوا تشويه سمعته وصنع كذبة كسبب لااعتقاله ولكن الأمر المحزن اكثر ان من قام بالوشاية عليه للحوثيين بهذا الكذب هم الطلاب والمناديب الذين صنعهم الحوثي وزرعهم في جامعة صنعاء لمراقبة هيئة التدريس وأيضاً الطلاب.
رحل الدكتور عدنان ورحل الكثير من الدكاترة والمعلمين كما خرج الكثير ممن عاش وبسبب الوضع الذي صنعه الحوثي ليعملوا باحثين عن مصدر رزق يسد احتياجات معيشتهم عملوا في الشوارع في بسطات، أو في دكاكين صغيرة بعد عمر طويل من التعليم وتربية الاجيال.
المآسي تتوالى على التعليم في اليمن والفيروس الحوثي لا يزال يخترق كل صرح تعليمي في البلاد.. بأفكاره المسمومة الطائفية الضيقة وبممارساته وانتهاكاته بحق الكادر التعليمي، من يؤيد ويحضر الدورات الثقافية سيكمل تعليمه وعمله بدون معاش والذي لن يؤيد ويحضر الدورات الثقافية سيعتقل أو يموت دون معاش ايضا، وكلما يقتل دكتور سترسم صرخة على جدار!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى