تقارير وتحقيقات

جماعة الحوثي وضرب القبيلة اليمنية.. اذكاء الثارات والصراعات وشراء الولاءات وتهميش زعماء القبائل

قبائل اليمن – متابعات:

 

تعمد جماعة الحوثي على تغذية الصراعات والتناحر واذكاء الفتنة بين القبائل التي لا تنصاع لها ولا تتفاعل في التحشيد للقتال معها في الجبهات، في اطار سياسة ممنهجة ترتكز على فرق تسد والتي باتت كلمة السر للجماعة بهدف إضعاف القبيلة وضربها ببعضها البعض.

ومنذ سيطرتها على اجزاء واسعة من البلاد بقوة السلاح لجأت الجماعة الحوثية الى ضرب مراكز القوى والتي من اهمها القبيلة فعمدت الى تهميش مشائخ القبائل والتنكيل بهم ونهب ممتلكاتهم وتفجير منازلهم بهدف تطويع بقية المشائخ وبث الرعب والخوف في نفوسهم وتسهيل عملية انقيادهم للجماعة  كما سلبت الجماعة المشائخ مكانتهم وجعلتهم تحت المراقبة والملاحقة الامنية بشكل مستمر باتهامها لهم تارة ب”الخيانة” وتارة ب”الإرتزاق” لما تسميه بـ”العدوان الخارجي”، بالإضافة إلى اعتقال بعضهم ومصادرة أملاكهم أو تجريدهم وعزلهم من مناصبهم وقتل آخرين  كما لجأت الجماعة الحوثية إلى شراء ولاءات بعض المشائخ بالمال أو المناصب أو ترقيتهم بالرتب العسكرية ما افرز حالة من الانقسامات داخل قبيلة حاشد التي ينحدر منها اولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الامر الذي سهل للجماعة الحوثية ضرب القبيلة والسيطرة عليها وبث الفرقة بينهم.

وبعد تهميش مشائخ القبائل الكبيرة، دعمت الجماعة الحوثية اشخاصا آخرين ليس لهم وزن قبلي، لكنهم فقط محسوبين عليها ويدينون بالولاء والطاعة لها ودفعت بهم لتزعم القبيلة وليكونوا وكلائها لترهيب المجتمع وابناء القبائل قبل ان تتخلص منهم بعد انتهاء الحاجة اليهم.

تفكيك نسيج قبائل اب

وتوسع المخطط الحوثي لتدمير القبيلة اليمنية وتفكيك نسيجها المجتمعي ليشمل كافة المناطق اليمنية التي لاتزال تحت سيطرة المليشيات حيث شهدت محافظة اب مواجهات بين مراكز نفوذ داخل المليشيا (بين آل سفيان من جهة، وآل السقاف وبابكر من جهة أخرى)، أسفرت عن تصفية أحد القيادات المحلية التي ساهمت في تمكينهم من الإستيلاء على المحافظة، وهو العميد عبدالقادر سفيان، المعين من قبلهم وكيلاً لمحافظة إب، في اشتباكات مع عناصر أمن وسط المدينة.

وكانت جماعة الحوثي قد قامت بمهاجمة الشيخ عبدالواحد الدعام وقبيلته بمديرية الرضمة، حيث كان الدعام من الرافضين لفكر جماعة الحوثي ولم يقدم لهم الولاء والطاعة، فعملت الجماعة على محاصرة قبيلته والسيطرة عليها واستخدمت الأسلحة الثقيلة في قصف منازل ومزارع المواطنين في منطقة الرضمة.

تصفية مشائخ عمران

وشهدت محافظة عمران (100 كيلومتر شمال العاصمة صنعاء) خلال الاسابيع الماضية تصفيات حوثية لقيادات ووجاهات قبلية كان آخرها، تصفية الشيخ محمد الشتوي أحد وجهاء قبيلة سفيان ، والشيخ “مجاهد قشيرة” والتمثيل بجثته، وقبلها قامت عناصر حوثية بتصفية الشيخ سلطان الوروري الذي تقدم صفوف الحوثي نحو عدن وأبين والقت بجثته على قارعة الطريق.

مقاومة حجور تعرضت للخذلان

حتى تلك القبائل التي تجاوزت التهميش والتخويف والترهيب الحوثي .. كان عليها مواجهة القوة الحوثية المفرطة كما حدث مع قبائل حجور في مديرية كشر محافظة حجة شمالي اليمن حيث شنت الميليشات هجوما عنيفا على مناطق قبائل حجور بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة وصولا إلى الصواريخ الباليستية.

وحين وجد الحوثي تداعيات ثورة حجور بدأت في بعض مناطق المحافظات الوسطى في إب والضالع سارع إلى إخماد مقاومة حجور بالقوة المفرطة مستغلا توقف المواجهات في جبهة الساحل الغربي بموجب اتفاقية استوكهولم ، الموقعة في ديسمبر(كانون أول) الماضي.  الا ان الشيخ عبد الواحد الدعام يؤكد في تصريح لـ “اندبندنت عربية ” أن حجور خُذلت كما خذلت جبهة العود وجبهة قعطبة رغم استمرار الدعم من قبل التحالف العربي، لأن هناك بعض القيادات التي لم تتحمل مسؤولياتها وتعتبر الحرب مغنما شخصيا وحزبيا.

هيكلة القبيلة

كانت البداية في هيكلة الحوثي للقبيلة وتفكيكها من خلال تشكيل ما يسمى “مجلس التلاحم الشعبي القبلي” بقيادة ضيف الله رسام أحد مشائخ محافظة صعدة والذي يدين بالولاء والطاعة للحوثي، تحت شعارات كاذبة “استعادة دور القبيلة في الحفاظ على المجتمع اليمني من الإنجرار وراء الفوضى” و”الحفاظ على أمن واستقرار اليمن والدفاع عن سيادة أرضه” و”منع استخدام القبيلة كأداة للتخريب ونشر الفوضى وعدم استخدام القبيلة او استثمارها من قبل اي جهات خارجية”.

واجبرت الميليشيات عددا من مشائخ القبائل في اجتماع مايسمى مجلس التلاحم الشعبي القبلي بالتوقيع على ما يسمى بوثيقة الشرف القبلية باستخدام وسائل الترغيب والترهيب، ليظهر جليا لابناء القبائل أن الحوثي استخدم المجلس القبلي كأداة للسيطرة على القبائل وتحويلها الى خادمة للأجنده الإيرانية.

وتؤكد الجماعة ان دعمها ورعايتها لانشاء مجلس التلاحم القبلي من اجل “اتاحة الفرصة للقبائل لمواجهة التحالف ” في الحرب التي يخوضونها منذ سنوات ناهيك عن انه سيساهم في “إحياء المبادئ القبلية الرادعة” وحشد جبهات الجماعة بالمقاتلين، حسب تصريحات لرئيس مجلس التلاحم القبلي ظيف الله رسام وهو ما اعتبره مراقبون ان المجلس في احد اهدافه يسعى لتعزيز جبهات الجماعة الحوثية بالمقاتلين من ابناء القبائل  وثيقة الشرف القبلي  استكمالا لما بدأته من مخططاتها التدميرية في تفكيك القبيلة وتفكيك النسيج الإجتماعي، قامت بتفعيل الاجراءت التنفيذية لما يسمى وثيقة الشرف القبلي والتي سبق الاعلان عنها في 2015 وجاء تفعيلها عقب انتفاضة بعض القبائل اليمنية في وجه الحوثي، ما جعل الحوثي يسارع في تنفيذها وهي التي تخول له التنكيل بالقبائل وممارسة ابشع الجرائم ضد كل المعارضين لها ولسياستها الطائفية.

و أكد عدد من السياسيين والمشائخ أن هذه الوثيقة خطر يهدد النسيج القبلي والإجتماعي وهي بداية لتأسيس منهج العنف والصراعات القبلية وبث الفرقة والإقتتال بين أبناء اليمن الواحد وسيكون من الصعب التخلص منها على المدى القريب.

واعتبروا تلك الوثيقة شرعنة لسفك الدماء ونهب الأموال وانتهاك أعراض كل من يخالف الحوثي.  “اندبندنت عربية” حاولت التواصل مع عدد من قيادات الحوثي للرد على الإتهامات لهم بتهميش القبائل، الا أنهم رفضوا التعليق  جبهة قبلية لمواجهة الحوثي  حاول عدد من مشائخ القبائل الخروج في وجه الحوثي في قبائل عدة مثل عبدالوهاب معوضة في مديرية عتمة والشيخ عبدالواحد الدعام ومثلهم الشيخ ناجي جمعان في مديرية بني الحارث لكن الحوثي ينفرد بكل شيخ على حدة ويعمل على تحييد الاخرين لضمان القضاء على اي انتفاضة قبلية في وجه  ويقول عضو مجلس الشورى الشيخ عبدالواحد الدعام لـ “اندبندنت عربية “: “خروج بعض مشائخ القبائل ممن واجهوا الحوثي ولم يرضخوا لسطوته، مهم في تشكيل جبهة قبلية عريضة تضم العديد من مشائخ القبائل في الخارج للتحشيد للجبهات ورفدها بالمقاتلين وتطهير كل شبر من اليمن من هذه المليشيات المدعومة إيرانيا”.  ويرى الدعام أن الأمر لم يعد مقتصرا على قبائل بكيل وحاشد لمواجهة الحوثي التي سطت على الدولة ودمرت القبيلتين، بل أصبح يهم كل أبناء اليمن وقبائله من شماله وجنوبه وشرقه وغربه لأن اليمنيين بكاملهم يواجهون خطرا وجوديا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى