الرأي

يهود اليمن واليهودة الحوثية

فيصل الصوفي

لعل الذين استمعوا لأغاني واناشيد الإسرائيليين من أصول يمنية، والعادات والتقاليد التي نقلوها معهم وطوروها، سوف يلاحظون شدة ولههم ببلدهم الأصلي، كما سيلحظ أنهم يجهدون لخدمة الثقافة اليمنية.
في شهر إبريل2018 زعمت الجماعة الحوثية أن اليهود اليمنيين تلقوا تدريبات عسكرية على أيدي ضباط في التحالف العربي، وأنهم أصبحوا يحاربون في صفوف جيش الرئيس هادي.. وقد سوقوا لذلك دليلا هو أنهم عثروا في جبل يام بنهم على بطاقة شخص يدعى ليبي سالم موسى سالم مرحبي (يمني من يهود آل سالم- ولد عام 1987 في كتاف البقع بمحافظة صعدة).. ولسنا نعلم ما إذا كان هو نفسه ليفي سالم موسى مرحبي، الذي قال وزير الخارجية الأميركية، مايكل بومبيو، أن جماعة الحوثي تحتجزه داخل سجن في صنعاء منذ أربع سنوات، على الرغم من أن محكمة يمنية قضت في شهر سبتمبر بأنه برئ، وأمرت بإخلاء سبيله، ولذلك على جماعة الحوثيين إطلاق سراحه فورا دون شروط؟ نقول: لا نعلم هل هو ليفي، أم أن ليبي سالم موسى مرحبي يهودي آخر غير ليفي؟ ما نعلمه على وجه الدقة أن أساليب الجماعة الحوثية أنجع من اسلوب تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.. فهذا الأخير لم يفلح في إخراج الأجانب غير المسلمين من الجزيرة، بينما الجماعة الحوثية أفلحت في ترحيل اليهود إلى إسرائيل من الوطن الذي وجدوا فيه قبل ثلاثة آلاف سنة سبقت وجود الحوثيين.. رحلتهم إلى إسرائيل لكي تبيض وتصفر، متخذة من أئمة الزيدية الشموليين السابقين عبرة.
كان الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين يسعى لتطبيق أيديولوجيته الدينية العنصرية- الشمولية، وقد رأى أن هذا المسعى يواجه بعراقيل أبرزها وجود دين ثاني في البلاد هو اليهودية، إضافة إلى مذهبين دينين إسلاميين، وأن هذا التعدد الديني يجعل التسامح والتعايش معا مبدأ واجب الاحترام، وهذا ما لا يتفق مع تطبيق أيديولوجية شمولية.. رأى في سياسات دولة إسرائيل التي أعلن عن قيامها منتصف مايو 1948 مناسبة للتخلص من المواطنين اليهود الذين قدر عددهم في ذلك الوقت بنحو خمسة وستين ألف مواطن.. لقد كان أحمد يا جناه، بطل بساط!!
نفذت عملية بساط الريح بناء على تفاهم بين الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين والوكالة اليهودية لأجل إسرائيل(المعنية بتشجيع الهجرة واستيعاب المهاجرين اليهود في أرض فلسطين)، إلى جانب التنسيق مع المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، والولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن دفعهما الجزء الأكبر لنفقات الترحيل، بما في ذلك ما تم دفعه لرجل أعمال يدعى أحمد القريطي الذي ساعده الإمام أحمد على القيام بالدور الأساسي في تجميع اليهود من شتى مناطق شمال اليمن إلى مدينة عدن.
بساط الريح هو مسمى عملية نقل اليهود اليمنيين سرا إلى إسرائيل التي تمت خلال الفترة يونيو 1949 – سبتمبر1950، وبلغت تكلفتها المالية 425 مليون دولار، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت.. حينها كان اليهود اليمنيون يرفضون السفر إلى إسرائيل، ولكن الإمام أحمد واتباعه اتخذوا تدابير شتى لإكراههم على الرحيل من بلاد ألفوها منذ نحو ثلاثة آلاف سنة، ومن جهة ثانية أن اليهود في اليمن يعتبرون دولة إسرائيل دولة صهيونية، تم تكوينا خلافا لإرادة الرب.. وإلى وقت قريب كان المتبقون منهم يحملون نفس الاقتناع.. يقول الحاخام يحيى يوسف: لا نريد المغادرة.. فلو كنا نريد لفعلنا ذلك منذ زمن بعيد.. وحتى العام 2016 كانت الوكالة اليهودية تقول إن معظم اليهود اليمنيين المتبقين في بلادهم يفضلون البقاء فيها.. ففي ذلك العام عملت الحوثية على نقل 19 يهوديا إلى تل أبيب حسب بيان أصدرته في شهر مارس الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل، والتي قالت أيضا إن خمسين آخرين يرفضون الهجرة إلى إسرائيل ويفضلون البقاء في بلدهم اليمن.
لعل الذين استمعوا لأغاني واناشيد الإسرائيليين من أصول يمنية، والعادات والتقاليد التي نقلوها معهم وطوروها، سوف يلاحظون شدة ولههم ببلدهم الأصلي، كما سيلحظ أنهم يجهدون لخدمة الثقافة اليمنية.
إن عائلة ليفي سلمان موسى مرحبي أضحت مكرهة على مغادرة وطنها إلى إسرائيل.. تود فقط أن يطلق الحوثيون سراح ليفي لكي تصطحبه معها، وهذا قد يحدث قريبا.
تستمر الجماعة الحوثي في أداء دور الإمام أحمد ودور المرابي أحمد القريطي معا، وفي الوقت الزائد تلوك كذبتها عن دور الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ترحيل اليهود إلى إسرائيل وتطبيع العلاقة معها!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى