الرأي

سقوط نهم والجوف ليس لغزاً..!

خالد بقلان

لست ممن يحيل الوقائع إلى فقه المؤامرة، أو يجيد الإسقاطات لغرض النيل ممن يختلف معه..!
لكن الحقيقة أن سقوط نهم والجوف وبعض مديريات مارب، هي نتيجة للكساد والفساد الذي اكتنف أداء قيادة الشرعية، وجنرالاتها العسكرية التي اكتفت بالثراء على حساب آلاف الجرحي الذي وجدوا أنفسهم في مواجهة نكران القادة وعبث المقربين والإهمال المتعمد..!
هذه واحدة من أهم المعضلات التي هدمت الحماس وقتلت الاندفاع وجعلت الكثير يتساءل كيف يمكن تحقيق الانتصار إذا كانت القيادات لا تأبه لتضحيات وتتجاهلها، بل تدفع في اتجاه تدمير الجانب المعنوي لدى الرافضين لمشروع الانقلاب العنصري الذي يأتي في سياق صراعات نفوذ وحرب الاقتصاديات الناشئة المتأبطة بالتوحش.
لقد خسرت الشرعية نهم ومن ثم الجوف ومديريتين جنوب مأرب ولم يقدم قائد عسكري استقالة ولا وزير… الخ..!
وهذا ليس غريباً إذا كان الهدف المال من السهل أن تكون قائدا أو وزيرا وأنت ستزاول عملك حتى من فندق خارج البلاد..!
مر الحدث وتبعه حدث آخر ولم يتخذ الرئيس ولا نائبه وهو المعني بالملف العسكري بالشمال اي إجراءات لتحقيق أو الاقالة بل اكتفى كل من الرئيس والنائب بالصمت وانتظار المصير المجهول..!!
لنجد هالة إعلامية ممولة من قبلهم تحيل هذا السقوط لخيانات قبلية دبرت بليل..!
لكن أليس لدينا جيش قوامه 420 ألف مجند وصف وضابط، كيف حدث ذلك وأين ذهب الجيش واختفى حتى تُشن ضد القبائل حملات إعلامية ظالمة وتتهموا بعض رموزها بالخيانة!
إن السقوط الذي حدث هو نتيجة لسوء الإدارة التي انتهجتها الشرعية وسوء التدبير والتعامل والاقصاء الذي نال الكثير إضافة إلى غياب الرؤية والهدف.. فيما الطرف الآخر يمضي وفق رؤية ولديه هدف ويعمل من الداخل ولديه لجان عمل ميداني مهمتها التواصل والتنسيق مع المكونات والشرائح الاجتماعية وقد حقق ذلك نجاعة خصوصا بسقوط نهم التي كان اهلها في طليعة التحرير وعندما تمكنت الشرعية تجاهلت المجتمعات المحلية واعتمدت على كتائب رمزية تتولى التناوب بالمواقع مما خلق حالة من الامتعاض وسط المجتمع المحلي وهذا بدوره وفر للحوثيين سهولة التواصل والتنسيق وتم اعداد خطة لسقوط نهم فيما قيادات الشرعية منشغلة بالوضع جنوبا وترفض القبول بالحوار مع الانتقالي..!
كما اسهم في السقوط ايضاً نقل بعض الكتائب المحسوبة على المنطقة السابعة لمحافظة شبوة.
وأدى تنسيق الحوثيين مع بعض اهالي نهم المحتكين ببعض الجنود والصف والضباط التابعين لشرعية إلى بث الحرب النفسية وتهيئة الوضع للسقوط وتلاه بيومين عمل التفافات اسفل طريق الفرضة واطلاق نار وقطع الخط الرئيسي مما ادى لانهيار تام للجيش وسقوط الفرضة وحدث الأمر بالجوف نتيجة لممارسات محافظ الجوف الخاطئة واستهدافه لأهم مكون اجتماعي “همدان” الذي وظف العكيمي سلطته للنيل منهم واقصائهم ظناً منه ان الجوف اصبح حصريا له حتى انه استقطب اركان المنطقة العسكرية السادسة مجاهد الغليسي وعملا معاً ضد قائد المنطقة مما ادى لتطفيش هاشم الأحمر الذي بدوره انسحب بهدوء تاركاً النتيجة للمحافظ ليواجه قدرا كان هو في غنى عنه.. خصوصا ان قرارات العكيمي وتصرفاته ازعجت قيادة الشرعية ونائب الرئيس حينما ظهر الرجل ليقدم نفسه ويتعامل بشكل مباشر مع قيادة التحالف مغفلاً ردة الفعل التي جعلت الجوف تسقط بفعل ذلك وعوامل اخرى اهمها غياب البنية الحقيقية للجيش وقوات الأمن..!
هذه هي الحقيقة ولا ينبغي كيل التهم واللوم على مكونات اجتماعية مهمتها التأييد ودعم الشرعية وليست مهمتها القتال نيابة عن شرعية يدثرها الفساد والبناء الوهمي للواحدات العسكرية.
كما ان مساوئ نخبة الشرعية والرفض لأغلب قادتها وعدم قابليتهم في الوسط الشعبي ايضاً جعل الشرعية تفقد حضورها شمالاً وجنوباً وهذا لا يحتاج لتسويق التهم واسقاط الخسائر على عوامل ثانوية في تجاهل تام لسوء الإدارة والفساد والرفض الشعبي للطبقة السياسية التي تتولى زمام الأمور فيما يخص الشمال سواء الجانب المدني أو العسكري.
فاليمنيون سئموا من الحرب وأرهقتهم وكذلك الشعارات التي تدور في فلكها الحرب باتت أكثر وضوحاً وتجلت لدى الكثير ويبقى الانقلاب مرفوضاً وغير مبرر ولا مقبولاً، ولكن في إطار توجه سياسي وفق هدف ورؤية وطنية وليس وفق حسابات الربح ورغبات الإقليم وتوجهاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى