الرأي

من تجاعيد الوطن.. تأملات نهاية عام

عبدالستار سيف الشميري

بعض.. المثقفين أقول (بعض)، والإعلاميين يساريين وعلمانيين وقوميين يترنحون تحت ضغط الاستخدام المزدوج بين أحزابهم وبين استرضاء إحدى الجماعتين، الإخوان أو الحوثي، يظهر ذلك جلياً في كتاباتهم وفي مواقفهم المختلفة.
لكن الأدهى أن سياسيين لهم مشوار طويل في السياسة والمشاركة في إدارة الدولة واقعين أيضا في نفس الإطار يبدون وكأنهم أيتام على موائد اللئام في أبواب الإخوان وبعضهم في موائد الحوثي…
“مد” “وجزر”….
لا بد من الضحك والسخرية كمقاومة لما نحن فيه وما نعيشه من مآس يمنية كوسيلة وأسلوب للممانعة والتمرد، ومقاومة التعرية والتجريف الذي تقوم به جماعتا الإخوان والحوثي في اليمن، وحرصهما المستميت على “مد” سنوات الحرب، و”جزر” الشعب وابتزازه، واستغلال احتياجاته، لتحويله إلى قطيع لإحدى الجماعتين.
كيف؟
اليمن في لحظتها الراهنة، تحتاج إلى تغيير الرأس بعد اكتمال حكومة وفاق اتفاق الرياض.
هذه هي المرحلة الثانية التي ينبغي الولوج إليها عاجلا غير آجل.
فاليمن تحتاج في هذه اللحظة إلى قائد شجاع منقذ، حوله رجال من طراز وطني رفيع، يعشق الوطن ويدلله ويقدس ترابه، ليس له من نوم هادي نصيب ولا من فساد محسن حظ، من نسيج الشعب يأتي من روحه وغماره، يشعر بالناس ويشعرون به، ويهتفون فرحين به “يا بشرى هذا رئيس” جاء ليبرئ الأحمق والأخرص، ويوقف الحرب نصرا أو سلاما،
ولكن كيف؟
متاهة…
منذ أربعة آلاف عام ومنذ اليوم الذي كشفت عن ساقيها، وباعد بين أسفارنا ونحن تائهون نفتش عن اليمن المفقود، إننا شعب تورط تاريخيا بكل ألوان الحروب ولم يقدر له الاستقرار الا في فترات زمنية قليلة وبمعجزة فارقة احيانا.
إن التاريخ اليمني ومثله الجغرافيا تبدو وكأنها ورطة مكتملة التضاريس والمعامل والنصوص والفصوص.
ولذلك نحاول تعويض إخفاقاتنا عبر التغني بخط المسند وامجاد سبأ وحمير دون أن نعي أنه تاريخ من الحروب والكوارث من جهة، ودون رصيد متين من واقع حاضر صنعناه يشفع لنا أن نعيش بكرامة، هذا اذا أحسنا الظن بهذا التاريخ المنثور المكرور.
هذا البلد الذي يسمى “اليمن السعيد” ولم يكن يوما كذلك سوى في دهاليز المعاجم القديمة، بحاجة أولا إلى رجال يعشقونه، يقدسون ترابه، ويحبون البُن والعنب، ويصلون في محاريب البخور والفل، يعملون له دون ضجيج، من داخل وديانه وشعابه.
كما أنه ثانيا بحاجة إلى شعب متصالح مع ذاته معترف بمهازل تاريخه كي يأخذ العبرة ليمضي ولا تأخذه العزة والزهو، بالماضي والتاريخ ودعاوى التميز.
تلك خطوات ملزمة كي نخرج من توهان الانتفاخ التاريخي، الذي نواري به كل سوءات الحروب والفشل وإنتاج المحارق.

وكل عام والجميع بخير..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى